تعليقا على نتائج مسابقة المدرسة العليا للتعليم/ عثمان جدو

اثنين, 03/05/2021 - 18:31

لا شيء يقع من تلقاء نفسه، ومهما تكن النتائج فإن لها أسباب، وأيا ما تكن الأسباب فإن معرفتها معينة على التأويل..

نقف اليوم على مفترق طرق تعيشه المنظومة التربوية بعد إعلان نتائج المدرسة العليا للتعليم؛ والذي جاء مخيبا للآمال، مصدقا في ذات الوقت لكل التوجسات والتحفظ الذي صاحب إصلاح 99، فكيف نعيش اللحظة بإيجابية نستخلص بها العبرة، ونتدارك ما أمكن من منظومة تربوية تعاني، ونقلب السلبي إيجابيا؟.

من المؤسف حد الخجل أن تُظهر نتائج مسابقة اكتتاب الأساتذة أهم المواد التي تم التركيز عليها في العقدين الأخيرين؛ هي مكمن الضعف ومركز الخواء!، لا ناجح في الفيزياء، ولا ناجح في الفرنسية (العقيدة الوهمية للمنظومة التربوية)؛ والعصا السحرية لمبتغِ الترفيع في الوظائف السامية!، أربعة ناجحين فقط في الرياضيات، دون العدد المطلوب في العلوم الطبيعية، وفي المقابل حصول العدد المطلوب في المواد الأخرى، العربية، التربية الإسلامية، التاريخ والجغرافيا، الفلسفة، الإنكليزية! فما هو السبب يا ترى؟.

إن ما اعتُمِد في إصلاح 99 والذي اعتَمَد ازدواجية بموجبها تحول تدريس المواد العلمية إلى اللغة الفرنسية وتثبيت تدريس المواد الأدبية فقط للتدريس باللغة العربية بعد أن كانت هي الشعبة الأكثر تغطية للساحة التربوية، وتعتمد على تدريس كل المواد باللغة العربية لغة الأم لهذا المجتمع بمختلف مكوناته الاجتماعية؛ هو الذي نحصد اليوم ثماره في هذه المسابقة التي تعد أحسن مثال للحكم على صدى المنظومة التربوية منذ 99 إلى يوم الناس هذا، فإذا كان الحال هكذا مع نخبة انبرت لامتحان يخول للناجح فيه حمل المشعل التربوي وتدريس هذه المواد فما بالك بمستوى من هم دون ذلك ممن توجهوا إلى وجهات عملية أو علمية أخرى وهم من ذات الصنف أو التخصص!؟. 

إننا نعيش اليوم لحظة حاسمة للتفكير الجاد والعودة إلى الوراء كثيرا عكس ما ألف في الماضي من العودة والالتفات قليلا، ففي الفترة الماضية ومع المضي قدما في تطبيق إصلاح 99 تم تعطيل خدمة مئات الأساتذة المدرسين للمواد العلمية المكونين باللغة العربية؛ وبُخِل على هؤلاء بتكوين مدته سنة كاملة، كان كفيلا بتسليحهم بما يقتضيه تدريسهم لموادهم باللغة الأخرى (الفرنسية)، ونظرا لضيق الأفق في تسيير المنظومة التربوية في تلك السنوات فقد كان عرض التغلب على مشاكل اللغة المقدم لهؤلاء لا يتجاوز مائة ساعة عابرة!، ومع الأيام زاد الركون إلى الارتجال وتسخير الساحة التربوية للأهواء السياسية؛ فزاد الانشغال بالأشكال على حساب جودة المضامين، وصُمت الآذان عن صوت كل ناصح أمين، وأعميّت الأعين عن كل كاتب ينير الطريق أو يبين؛ وها نحن اليوم نعاين إحدى سلبيات ذلك، وطبعا المشاكل والنواقص أكثر عشرات المرات مما تعرضنا له في هذه السطور، لكن المقام يقتضي التركيز على هذه الجزئية المتعلقة باللغة الأم وما أدريك ما لغة الأم؟!؛

من المؤكد أن أهمية الدراسة بلغة الأم لم تعد مسألة جدل أو نقاش، بل الأمر محسوم بالنتائج التي نحن الآن نقف عند إحداها، ومحسوم كذلك بالتقارير الصادرة عن الهيئات الأممية والدولية المختصة ومن ذلك مثالا لا حصرا ما أوصت به اليونسكو أثناء تخليدها لليوم العالمي للغة الأم في 21فبراير 2016 من ضرورة التدريس بلغة الأم كاشفة في تقارير أُعدت حول الموضوع أن أفضل الدول الرائدة عالميا في مجالات التكنولوجيا وغيرها تدرس بلغاتها الأم.

علينا ونحن في بداية إصلاح 2020 أن نركز على تدريس العلوم باللغة الأم التي هي اللغة العربية، ونُزيل التعقيدات اللغوية التي تزيد إلى جانب التعقيدات العلمية الموجودة في كل مادة -على حدة- من صعوبة التحصيل العلمي وتعيق تحقيق أهداف المنظومة التربوية.

     

إعلانات

 

 

 

تابعنا على فيسبوك