يترقب الرأي العام الوطني باهتمام غير مسبوق التعيينات في المناصب العسكرية والأمنية المرتقبة في الشهر الجاري. ويعود هذا الاهتمام الكبير بمتابعة هذا الموضوع إلى اهمية وحساسية المناصب الشاغرة مثل قيادة اركان الجيوش وقيادة أركان الدرك وقيادة الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية والمفتش العام للقوات المسلحة ومناصب أخرى مهمة وحساسة.
أهمية التخصص
وقد تم تناول هذا الموضوع في الآونة الأخيرة على نطاق واسع من طرف المدونين وصفحات التواصل الاجتماعي وتباينت المواقف بخصوصه بين من يرى ان ثمة معايير وشروطا معروفة تحدد الترقية وإلتعيين في المناصب العسكرية، وبين من يطرح اسماء أشخاص محددين على أنهم سيتم تعيينهم في مناصب محددة بناء على ثقة رئيس الجمهورية بغض النظر عن مدى تلبيتهم لتلك المعايير من عدمه.
ولا شك ان هذا المجال حساس و لاينبغي ان يتناول من طرف الغوغائين أو المدونين الذين تحركهم مصالح مادية شخصية أو صلات قرابة بهذا الشخص اوذاك من المعنيين اوغير ذلك من الاعتبارات.
ملف حساس
فضباط جيشنا كلهم مؤهلون للمناصب العليا كل حسب تخصصه ولاينبغي ان نتسبب في خلق جو من الحساسية وتوتير العلاقات بينهم من أجل الحصول على منفعة شخصية آنيه أوصفقة اوغيرها. فهؤلاء الضباط المهيئون لتلك المناصب زملاء وإخوة وتربط بعضهم ببعض علاقات صداقة متينة منذ عشرات السنين، و هم على درجه من النضج والمسؤولية تجعلهم ولله الحمد لا يتأثرون بحملات الدعاية من طرف أشخاص لا يعرفون شيئا عن المؤسسة العسكرية و لا عن معايير الترقية فيها والشروط المطلوبة لذلك.
فهذا المجال حصريا من صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحه ( رئيس الجمهورية) الذي يتميز بكون خياراته دائما مبنيه علي معايير عادلة وموضوعية تراعي القواعد والشروط التي حددها المشرع للترقية في سلم الرتب والمناصب العسكرية.
وكلما يتعارض مع ذلك فهو غير وارد وغير متوقع لان كل قرارات القيادة ينبغي ان تكون محكومة بالمصلحة العليا للوطن ومراعاة العدالة واحترام المعايير المتعارف عليها في المنظومة العسكرية ليلا تكون فاقده للمشروعيه ، وهو ما لا يتوقع ولله الحمد في ظل قيادتنا الحالية.
التقدم والوظائف في القوات المسلحه نتاج معايير محدده سلفا في القانون وتخضع لعدة معايير أهمها : الدورات التدريبيه، التجربه القياديه طيلة المسيرة المهنيه، والنجاح في أداء المسؤوليات المسندة للشخص، بالإضافة للمستوي الثقافي، و النزاهة والاستقامه في السلوك والسمعة الحسنه في المؤسسه )، وقد يوخذ في الحسبان القدرة على التفاعل الإيجابي مع المحيط ومع قضايا الوطن واهتمامات مواطنيه.
تصنيفات ومعايير..
ولتكون تلك المعايير واضحة ومحددة، فقد تم تصنيف ضباط أسلاك القوات المسلحة الثلاثة (الجيش و الدرك و الحرس) الي فئتين:
فئة القيادة وفيئة الخدمات، ويتم الإختيار بينهما عند التخرج من الكليات العسكريه كما هو الحال في جميع دول العالم. وكل فئة ضرورية و لها ايجابياتها وسلبياتها وإكراهاتها ومخاطرها ومآلاتها النهائيه ونوعية المهمات التي تسند لأصحابها. مثلا من غير الوارد ولا المقبول إسناد المهمات المالية والفنية لضباط القيادة، كما أنه من غير المقبول ولا المستساغ إسناد وظائف القيادة لضباط الإدارة والخدمات و المتخصون في المجالات الفنية والتقنية.
ويمثل احترام هذه المعايير مرتكزا ومعيارا جوهريا لسلامة الإختيار وحسن سير المؤسسة وبعدها عن المحاباة والزبونية.
ولا شك ان رئيس الجمهوريه ، القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي هو الشخص الأول المسؤول عن السهر على احترام هذه المعايير وتوفرها في الضباط الذين ستسند لهم مسؤوليات القيادة العليا يتوفر على معرفه كافية بجيل الضباط الحالي من عقيد فما فوق، مما يبعث على الإطمئنان بأنه سيتم احترام التراتبية والمعايير العسكرية المطلوبة للترقية.
ورغم ان كل التخصصات مهمة، ورغم ان دور كل ضابط أساسي وحيوي في مجال تخصصه، نظرا لأن مهمة القوات المسلحه يتم تنفيذها بتضافر جهود ومشاركة كل التخصصات، إلا أن اخطر ما يؤثر ويدمر المؤسسات العسكرية هو التأثير السلبي على المعنويات الذي يتلازم مع غياب العدل أو المحاباة أو عدم احترام القوانين والنظم التي تحكم الأسلاك العسكرية والتي حددت منذ إنشاء الدوله معايير تقدم الضباط وترقيتهم.
بناء على ما تقدم فإنه ينبغي الحذر عند تناول هذا الموضوع الحساس، والذي ينظر إليه الجميع على انه يتعلق بالمؤسسة الأكثر تنظيما في الدولة، والتي يتوقف عليها أمن البلاد واستقرارها وحماية حوزتها الترابية وبالتالي من حقهم ان يهتموا بأن لا يروها تتاثر تحت أي ظرف بتبعات الإختيارات المبنية على اعتبارات غير موضوعية أو عدم احترام القانون المنظم لها لأن ذلك سيفقدهم الثقة فيها وفي قدرتها على أداء مهامها بنجاح.